فـسـحة أمـل

أهلا وسهلا بكم في منتدى فسحة أمل
ااذا كنت عضو ارجو التعريف عن نفسك
واذا كنت زائر يشرفنا انضمامك الى اسرتنا المتواضعة
ارجو قضاء اجمل الاوقات بصحبتنا فمرحبن بكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

فـسـحة أمـل

أهلا وسهلا بكم في منتدى فسحة أمل
ااذا كنت عضو ارجو التعريف عن نفسك
واذا كنت زائر يشرفنا انضمامك الى اسرتنا المتواضعة
ارجو قضاء اجمل الاوقات بصحبتنا فمرحبن بكم

فـسـحة أمـل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
فـسـحة أمـل

الأمل يبدأُ حلماً يعيشه الإنسان في عالمٍ آخر .. وصناع الحضارة الوحيدون الذين يمكنهم نقل الحلم من العالم الآخر إلى واقع الحياة .. فهم يدركون يقينا بأن أحلام الأمس حقائق اليوم وأحلام اليوم حقائق الغد ..


3 مشترك

    علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع

    هشام قطليش
    هشام قطليش


    عدد المساهمات : 35
    نقاط : 66
    السٌّمعَة : 6
    تاريخ التسجيل : 16/03/2010

    علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع Empty علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع

    مُساهمة  هشام قطليش الخميس مارس 18, 2010 10:24 pm


    <H2 dir=rtl style="MARGIN: 18.75pt 56.25pt 5pt; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: center">علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع
    لقد أخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم بعلامات وأخبار سوف تقع في المستقبل سماها أهل العلم علامات النبوة أي الدالة على صدق وصحة نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لعثمان بن عفان قسطًا وافرًا في هذه العلامات، لما كان ينتظره رضي الله عنه من الفتنة العاتية التي انتهت بمقتله صابرًا محتسبًا ففي صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال : [إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا [أي بستانًا] وأمرني بحفظ باب الحائط؛ فجاء رجل يستأذن فقال صلى الله عليه وسلم: 'ائذن له، وبشّره بالجنة' فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن فقال 'ائذن له، وبشره بالجنة' فإذا عمر ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: 'ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه' فإذا عثمان بن عفان].
    وفي مسند الإمام أحمد [عن عبد الله بن عمر، قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فمر رجل فقال صلى الله عليه وسلم 'يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلومًا' فقال ابن عمر فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان' .
    وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحدًا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله فقال : 'اثبت أُحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان' رواه البخاري .
    ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أشراط قرب القيامة [وإذا رفع السيف على الأمد لم يوضع] فكان سيف فتنة مقتل عثمان أول سيف مرفوع على الأمة ولم يوضع حتى وقتنا الحالي .
    التعريف بعثمان بن عفان :
    هو عثمان بن عفان بن أبي العاص الأموي يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الرابع [عبد مناف] ولد رضي الله عنه في الطائف بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بست سنوات تقريبًا، وكان أبوه عفان صاحب تجارة ثريًا فورث عنه عثمان أموالاً كثيرة اتجر بها وربح، وكان أجود أهل زمانه وأكثرهم حياءًا ونبلاً حتى أحبه قومه والعرب أجمعين حبًا شديدًا .
    ولقد أسلم مبكرًا جدًا في صدر الدعوة فهو من العشرة الأوائل في الإسلام وذلك على يد صديقه أبو بكر الصديق، وكان إسلامه ثقيلاً جدًا على قريش لمكانته فيها وحاول عمه الحكم بن أبي العاص أن يثنيه عن الإسلام وعذبه كثيرًا، ولكنه تمسك بالإسلام، ولكنه من شدة الأذى هاجر الهجرتين للحبشة مع زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم التي بقيت عنده حتى توفيت عقب غزوة بدر فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم بأم كلثوم وبقيت عنده حتى سنة 9 هـ ثم ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'لو كان عندي ثالثة زوجتها عثمان' لذلك سمي ذو النورين .
    ولقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزواته كلها عدا بدر لعذر تمريض زوجته رقية، وأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم في الغنائم، وكان سفير الرسول لقريش يوم الحديبية، ولما شاع بين الناس أن قريشًا قد قتلته تمت بيعة الرضوان تحت الشجرة، لمناجزة قريش انتقامًا لمقتل عثمان .
    أما عن أبرز صفاته فهي صفة الحياء الشديد حتى لا يكاد يعرف إنسان أشد منه حياءًا خلا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال في شأن عثمان 'كيف لا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة' فقد كان رحيمًا شفوقًا على كل المسلمين، ومن أشهر صفاته أيضًا والتي لم يصل أحد لدرجته من الصحابة فيها هي صفة الإنفاق في سبيل الله، فلقد اشترى عثمان بن عفان الجنة مرتين بل مرات كثيرة مرة يوم أن اشترى بئر رومة في المدينة لسقيا المسلمين، ومرة يوم أن جهّز جيش العسرة في غزوة تبوك .
    أهم أعماله رضي الله عنه :
    تولى عثمان الخلافة بعد عمر بن الخطاب واجتماع رجال الشورى وكبار الصحابة عليه بعد مناقشات استمرت ثلاثة أيام، وذلك في آخر ذي الحجة سنة 23 هـ، وكان له أعمال كبيرة منها :
    1 ـ توسعة المسجدين الحرام والنبوي وزاد في مساحتهما .
    2 ـ مضاعفة العطاء .
    3 ـ إحياء الأرض الموات والإذن للعرب بإصلاحها .
    4 ـ أول من صنع طعامًا للفقراء في رمضان [موائد الرحمن] .
    5 ـ بناء دار القضاء .
    6 ـ جمع المسلمين على مصحف واحد وهو من أهم وأجل أعمال عثمان بن عفان رضي الله عنه وحفظ بذلك الأمة من الاختلاف في الكتاب كاختلاف اليهود والنصارى .
    7 ـ الفتوحات الإسلامية العظيمة على الجبهتين الشرقية والغربية فلقد فتحت بلاد فارس حتى تركستان وبلخ وكرمان وسجستان وطخارستان وقتل يزدجرد آخر ملوك الفرس، وفتحت أذربيجان وأرمينية أما في الشام فقد وصل المسلمون إلى عمورية [أنقرة اليوم] وفتحت قبرص، وتم إكمال فتح مصر وأنهيت تمامًا السيطرة الرومية على البحر المتوسط الذي كان يسمى بحر الروم، وذلك بعد معركة ذات الصواري سنة 31 هـ، وأصبح البحر المتوسط اسمه بحر العرب، وفتحت بلاد تونس، وأخضعت ثورة بلاد النوبة .
    المجتمع الإسلامي في عهد عثمان :
    في آخر عهد عمر بن الخطاب تطور المجتمع الإسلامي تطورًا كبيرًا نتيجة الفتوحات الإسلامية، وكثرت الأموال، وكثرت السبايا، وبدأ المجتمع الإسلامي يودع حياة البداوة والعيش الخشن إلى حياة الرغد والرفاهية، وطرأت على المجتمع طوائف جديدة من الناس لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم ولا اهتدوا بهديه، وكلهم حديثي عهد بإسلام وتعددت القوميات العناصر وكل قومية تدخل الإسلام ومعها بعض عاداتها وثقافتها القديمة، وأمسى المجتمع الإسلامي مزيجًا من بيئات متباينة جعلت في النهاية سياستها صعبة، كما ظهرت العصبيات ضد قريش، وحقد البعض على ما وصلت إليه قريش من رياسة ومكانة، وقد ظهرت آثار تلك العصبية أيام حروب الردة، وهذا كله بالإضافة إلى حقد أبناء المم الموتورة بسيوف المسلمين والفتوحات، وكان بعضهم يدخلون الإسلام ليكيدوا له، كما حدث في مقتل عمر رضي الله عنه، وكل هذا التطور الكبير والمتغيرات السريعة الأثر البعيد في إعداد المجتمع لحدوث فتنة وشيكة وثورة قريبة محصلة هذا التطور في تركيبة المجتمع الإسلامي .
    ونستطيع أن نجمل أسباب قيام تلك الفتنة المشؤومة في عدة نقاط رئيسية :
    1 ـ تطور المجتمع المسلم وتغيير التركيبة السكانية فيه .
    2 ـ جميل صفات عثمان رضي الله عنه وحلو خصاله من الحياة والرحمة والرفق واللين للمسلمين جميعًا وليس لأهله فقط، وأيضًا مضاعفة للعطاء واستجابته لرغبات المفتونين من أهل الأمصار درءًا للفتنة .
    3 ـ رفع الحجر المضروب على أعلام الصحابة منذ عهد عمر بن الخطاب وإنسياحهم في البلاد مثل الكوفة والبصرة ومصر وغير ذلك .
    4 ـ استغلال بعض الأحداث مثل حادثة قضية عبيد الله بن عمر، ودعوة أبي ذر الغفاري، وضرب عمّار بن ياسر.
    5 ـ ما قام به الشيطان اليهودي عبد الله بن سبأ المشهور بابن السوداء، وهو يهودي من أصل صنعاء أظهر الإسلام في عهد عثمان رضي الله عنه، ليتخذ من ذلك ستارًا لمؤامراته ضد الإسلام، واستخدم كل أساليب المكر والدهاء، والنفاق، حيث قام بالتنقل بين الأمصار الإسلامية ينشر أكاذيبه وينفث سمومه، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام، ثم مصر التي استقر بها، وقد استخدم هذا المجرم عدة أساليب لتمهيد الجو لاشتعال الفتنة من هذه الأساليب :
    أ ـ التظاهر بحب آل البيت خاصة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واخترع مقولة الوصاية فقال إنه كان ألف نبيّ ولكل نبي وصيّ وعليّ هو وصيّ محمد، ومهد بذلك الطريق للطعن في خلافة عثمان باعتباره مغتصبًا لحق عليّ .
    ب ـ التشكيك في العقيدة الإسلامية بحديثه عن مسألة الرجعة أي الاعتقاد برجعة النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى للحياة كما سيرجع عيسى عليه السلام، ويستدل بذلك بقوله تعالى: [إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد] .
    جـ ـ خاض في حق الخليفتين أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .
    د ـ تحريض الناس على أمرائهم وتشجيعهم على الثورة لأتفه الأسباب .
    هـ ـ الكذب والتزوير على لسان الصحابة، وكان هذا من أخطر أساليبه فيكتب للأمصار على لسان الصحابة ويدعو للناس فيها للخروج على عثمان .
    وظل ابن سبأ يعمل في إطار من السرية الشديدة وينتقل بسرعة من الأمصار لنشر سمومه في الفترة من سنة 30 هـ حتى سنة 34 هـ .
    مؤتمر الولاة :
    عندما كثرت الإشاعات والوشايات بين الأمصار الإسلامية وزادت عن حدها حتى وصلت إلى مقر الخلافة بالمدينة، أرسل عثمان إلى ولاة الأمصار يأمرهم بالقدوم إلى موسم الحج سنة 34هـ، للتشاور في شأن هذه الأخبار، وفي نفس الوقت أرسل من عنده سفراء ومفتشين للتحقق من هذه الأخبار من هؤلاء المفتشين محمد بن مسلمة للكوفة، وأسامة بن زيد إلى البصرة، وعبد الله بن عمر إلى الشام، وعمار بن ياسر إلى مصر، فعاد الجميع بصلاح الأحوال عدا عمّار بن ياسر الذي استماله الثوار هناك واستغلوا فيه حادثة تأديب عثمان له، ولكنه ما لبث أن عادة مرة أخرى للمدينة .
    اجتمع عثمان مع ولاته وتشاور معهم في كيفية التعامل مع الثوار، ورفض كل الحلول المقترحة؛ لأنه كان رجلاً رحيمًا لينًا يخاف الفتنة، ولا يحب إراقة قطرة دم واحدة، ورفض أيضًا أن ينتقل من المدينة إلى الشام، وقال كلمته الشهيرة [لا أبيع جوار رسول الله بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي] .
    الثوار وعثمان :
    بدأ الثوار في الانتقال لطور العمل العلني وخرج وفد سنة 35 هـ في شهر رجب وفي نيتهم مناظرة الخليفة في المدينة أمام الناس لبلبة الآراء، وإشعال نار الفتنة بها، واستطاع عثمان خلال تلك المناظرة أن يفحمهم ويبطل دعواهم وشبهاتهم بصورة قوية أخزت الثائرين، ولم يأخذهم عثمان بالشدة رغم قدرته على ذلك وجواز ذلك شرعًا لأنهم أشرار يريدون شق الصف المسلم، وانصرف الثوار خائبين، ولكن في نيتهم العودة مرة أخرى للقضاء على عثمان فالقلوب حاقدة والنفوس مريضة .
    أصناف الثائرين :
    اعلم أن الذين اشتركوا في هذه الثورة المشؤومة على عدة أصناف، لكل صنف مثل رئيس وهم :
    1 ـ صنف غلب عليهم الغلو في الدين فأكبروا الهنات وارتكبوا في إنكارها الموبقات، ويمثل هذا النصف مالك بن الأشتر وحرقوص بن زهير .
    2 ـ صنف متعصبون قبليون خاصته أهل اليمن والعصبية اليمانية، مما لم يكن لهم سابقة في الإسلام فحسدوا شيوخ الصحابة على ما لهم من فضل وسبق، ويمثل هذا الصنف الغافقي بن حرب العكي زعيم الثوار، وكنانة بن بشر التحصبي وسوران بن حمران .
    3 ـ صنف موتورون من حدود شرعية أقيمت على ذويهم فامتلأت قلوبهم حقدًا من ذلك مثل عمير بن ضائم، وأبو المورع وأبو زينب .
    4 ـ صنف أثقله معروف عثمان وغضب عندما لم يعطه عثمان ما يريد من الدنيا، ويمثل هذا الصنف محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة .
    5 ـ صنف حمقى أتباع كل ناعق ضعاف العقول سفهاء الحلوم سيقوا للفتنة كالشاة للمذبح، وهم الأكثرية .
    ومن هذه الأصناف جميعًا صاغ الكلب المجرم ابن سبأ ثورته وفتنته المشؤومة على الأمة الإسلامية، وانتهت هذه الفتنة المشؤومة بمقتل عثمان رضي الله عنه في 18 ذي الحجة سنة 35 هـ، وللاطلاع على أحداث هذه الفتنة بصورة صحيحة تجيب على كل التساؤلات يراعى مراجعة ما يلي :
    العواصم من القواصم لابن العربي وهو أفضل ما كتب عن هذه الفتة وما بعدها .
    البداية والنهاية لابن كثير .
    التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر .



    ...............................



































    علي والخلافة


    [37 ]


    بعد مصرع عثمان، الذي أخفق في تحمل مسؤوليات الحكم بعد خليفة قوي هو عمر بن الخطاب، شغر مركز الحكم مرة أخرى، وعادت الازمة من جديد تفجر صراعات وتثير تناقضات لا حد لها، وهي أزمة فاقت كثيراً في خطورتها وأبعادها الازمة الاولى التي انتهت في السقيفة. ذلك ان مقتل الخليفة في أعقاب ثورة دموية قام بها الجند العرب في الامصار، لم يكن حدثاً عادياً يمكن أن يمر دون أن يخلّف رواسب ستصبح متأصلة في جسم الدولة الناشئة، فتهدد وحدتها بين الحين والآخر، فهو حدث ترك تأثيره العميق على مجرى التاريخ الاسلامي كله، وجعل للسيف الكلمة الفاصلة في امور الحكم(1). ولعل ما ينسب الى عثمان بعد اشتداد وطأة المحاصرين على داره يعبّر عن هذه الحقيقة حين قال : «فو الله لئن قتلوني لا




    ____________

    (1) فلهوزن : تاريخ الدولة العربية، 50.


    [38 ]


    يتحابون بعدي أبداً ولا يصلون بعدي جميعاً، ولا يقاتلون بعدي عدواً»(1).
    واذا كان هدف الثوار الذين قادوا انقلابهم على عثمان تحرير الخلافة من طغيان العائلية والاحتكار لمغانم الحكم، فانهم قضوا بحركتهم دون قصد على آخر ما تبقى من نظام الشورى الذي تحول الى ملكية مطلقة في عهد معاوية(2).
    ظلت عاصمة الخلافة تعيش في غليان لعدة أيام، بانتظار من يخلف عثمان في الخلافة.. ولم تكن المسألة بسيطة في ظروف حرجة كهذه لان مسؤوليات ضخمة ومهمات خطيرة كانت تنتظر الحاكم الجديد وكان لا بد ان يبت بها سريعاً قبل أن يحترق بنار الحكم. وعلى ذلك لم يكن مستغرباً أن يبتعد بعض كبار السياسيين عن المدينة بعدما أدركوا خطورة الوضع، تاركين معالجة الازمة لعلي المرشح الاوفر حظاً حينئذ للخلافة والذي كان قد بدأ يمارس بعض اعمالها قبل مقتل عثمان(3). وتردد عليّ نفسه في قبول هذا المنصب حين توجه اليه الثوار وعرضوه







    [39 ]


    عليه بعدما رأوا ميل الغالبية العظمى اليه. ولكن تردده زال أمام اصرار الثوار على بيعته وربما لشعوره بأن التهرب من الحكم في مثل هذه الظروف خيانة للامة، وللعقيدة، فقد كانت فترة حاسمة في تاريخ الاسلام، فترة في أشد الحاجة الى رجل قوي كعلي، ارتبط تاريخياً بالاسلام منذ ظهوره. وثمة شيء آخر هو ان علياً كان السياسي الذي يحظى بتأييد الغالبية في المدينة والزعيم الذي يمكن ان يتفق عليه بقية الزعماء.
    اجتازت الازمة بعض خطورتها بتولية علي مهام الخلافة، ولكن الامور في عهد الخليفة الجديد سارت في اتجاه أكثر تعقيداً وأخذت الاحداث تتلاحق بصورة عجيبة. فقد كان هناك أكثر من عائق يعترض هذا الخليفة ويمنعه من القيام بمهماته لا سيما في مجال التغييرات التي كان لا بد من اجرائها لازالة رواسب الحكم السابق. فقد كان عليه أن يوجد حلاً لجميع المشاكل التي أثيرت في عهد عثمان وأدت الى مقتله.. وهذا معناه الاصطدام بعدد من كبار الصحابة ورجالات الاسلام الذين اصابوا حداً بعيداً من الثراء زمن الخليفة السابق، ومن الطبيعي أن تتعارض مصالحهم مع الخليفة الجديد المعروف عنه المثالية وشدة التصلب في الرأي.



    [40 ]


    والحقيقة ان مهمة الخليفة الجديد كانت على جانب كبير من الخطورة، ذلك أنه لم يكن يحظى بتأييد كل القوى السياسية في الدولة يضاف الى ذلك ان بعض الذين بايعوه أخذوا يرفضّون عنه ويتطلعون كل بدوره الى الافادة من الظروف والوصول الى مكاسب معينة. ومن المدهش حقاً أن نرى اثنين من الصحابة الكبار هما الزبير وطلحة اللذين ما انفكا يكيدان ضد الخليفة السابق، أول من ينقلب على علي، ويصل الامر بهما الى اتهامه بالوقوف وراء مقتل عثمان.
    بدأ علي أولى مهماته الكبيرة، بعزل ولاة الاقاليم وكانوا موضع السخط والتذمر ووضع مكانهم مجموعة جديدة تتمتع بثقة وتنسجم مع سياسته(1). وقد نفّذ الجميع أوامره الخليفة باستثناء والي الشام معاوية الذي اتخذ من قضية الخليفة المقتول عثمان ذريعة لعدم الاعتراف بعلي، فافتتح بذلك صفحة جديدة دامية في تاريخ الحرب الاهلية التي شهدها حينئذ العالم الاسلامي.
    وكان علي بدوره يدرك جيداً أبعاد المشكلة ويعرف ان القضاء على خصمه القوي المتمرس في المنطقة الشامية





    ____________

    (1) اليعقوبي : 2/155.


    [41 ]


    ليس بالامر السهل. ولكن الشام لم تكن كل هموم الخليفة الجديد، فقد كان هناك أكثر من منتحل لقضية عثمان، تصدى لعلي وراح يزرع في دربه المتاعب. ففي الحجاز ناوءه الزبير وطلحة وكانا أصلاً من أصحاب الطموح للخلافة، وقد أيدا علياً أول الامر ثم ثاراً عليه بعد تعيين ولاة الاقاليم الجدد دون أن يكون لاي منهما نصيب(1). وانضمت عائشة التي كانت تحقد على علي منذ أيام النبي الى فريق الساخطين بزعامة طلحة والزبير(2) وكانت غير بعيدة عن مجرى الاحداث التي أودت بالخليفة السابق، ثم انسحبت الى مكة، بعد شعورها بأن علياً سيكون الخليفة، تعمل على تجميع القوى ضده، وتستغل في نفس الوقت لعبة التشكيك بموقف الخليفة الجديد من قتلة عثمان. واجتمع الساخطون الثلاثة في مكة، ثم غادروها الى العراق بعد أن أدركوا صعوبة مناجزة الخليفة في الحجاز ونجحوا في اقناع البصرة بالانضمام الى حركتهم. ولكن هذه الحركة لم تكلف الخليفة كبير عناء، فسرعان ما خرجت قواته من المدينة (36 هجري / 656م) وتمكنت من إخضاع الثائرين دونما صعوبة في معركة الجمل التي سميت




    ____________

    [42 ]


    بهذا الاسم نسبة الى الجمل الذي كانت تمتطيه عائشة اثناء المعركة(1).
    على ان هذه الحركة برغم فشلها السريع، نجم عنها نتائج على جانب من الاهمية. ذلك ان معركة الجمل أدت الى انتهاء مدينة الرسول كعاصمة سياسية وتحويلها الى مدينة ذات مركز ديني بحت واصبحت الكوفة عاصمة الدولة الجديدة خلال الفترة القصيرة التي قضاها علي في الحكم ومن ثم المركز الاول لنشاط الحزب الشيعي طوال أجيال عديدة. كما كانت معركة الجمل أول معركة في الاسلام يقودها خليفة بنفسه ضد اخوان له في العقيدة(2). وكان على علي وهو الشديد الايمان أن يوجد حلاً لذلك ويستن تشريعاً خاصاً عرف فيما بعد بتشريع قتال أهل القبلة جاء فيه : «ليس على الموحدين سبي ولا يغنم من أموالهم الا ما قاتلوا به وعليه»(3).
    واذا كانت حركة المعارضة الحجازية قد لاقت الفشل سريعاً في البصرة، فان حركة أشد خطورة كان على الخليفة





    ____________

    [43 ]


    محاربتها في الشام حيث معاوية العامل القوي والولاية المنضبطة والجيش المنظم.
    فبعد فراغه من موقعة الجمل وجه علي من مركزه الجديد في الكوفة، الدعوة الى معاوية لمبايعته واعلان الولاء له مع التهديد بأنه سيلجأ الى قتاله اذا ما استمر في مخالفته والخروج على ارادته(1). ولكن هذه الدعوة كما توقع الخليفة نفسه ومعه كبار معاونيه(2) اصطدمت بتصلب من معاوية واصرار منه على تسليم المسؤولين عن مقتل عثمان. ولم يكن هذا الاصرار سوى تبريراً لخروجه على الطاعة واخفاء لما يخطط له من وراء هذه الحملة، وهو منطق كان من الطبيعي أن يرفضه علي أو أي حاكم آخر، فهو الخليفة والمسؤول الاول، واليه يرجع المتخاصمون فيحكم ما بينهم.
    وبدأت الحرب أخيراً في صيف 36 هجري / 657 م وكان سهل صفين، المدينة الفراتية القديمة مسرحاً لها، وقد شهدت عدة معارك طاحنة كان يرافقها حملات دعائية مركزة من الطرفين فضلاً عن الحرب النفسية التي كان الهدف





    ____________

    [44 ]


    منها تدعيم المعنويات واكتساب أكبر عدد ممكن من عناصر الجيش الآخر. وكان سير المعارك الاولى يتجه لصالح العراقيين الذين اصبحوا على وشك الانتصار الى أن جابهتهم المصاحف مرفوعة على أسنة الرماح، وطرح شعار التحكيم للنظر في مسألة الخلاف بين الطرفين. فاستجاب علي وهو مكره(1)، وتوقف القتال بعد جدل عنيف بين كبار قواده. وكان التحكيم مسرحية لتمييع الموقف أخرجها عمرو بن العاص أحد كبار البارزين في معسكر معاوية. والحق ان استعدادات معاوية لم تتم في الاطار العسكري فقط، وانما في الاطار السياسي أيضاً حيث أحاط نفسه بمجموعة من الرجالات الذين عرف عنهم الدهاء والبراعة في تغيير المواقف، ومن هؤلاء عمرو بن العاص الذي انضم الى معاوية بعد مساومات طويلة جرت بين الرجلين(2).
    وأرغم علي على القبول تحت ضغط الاكثرية في صفوف جيشه التي كان يعوزها الانضباط وتفتقر الى روح الحماسة، فالجبهة العراقية كانت غير متماسكة وتتفجر بالتناقضات بينما كان الامر على عكس ذلك في الجبهة





    ____________

    [45 ]


    الشامية، حيث كان وقف القتال انتصاراً للشاميين دفع عنهم الهزيمة وجعل من زعيمهم معاوية في مركز الند والمنافسة لعلي في الخلافة.
    وكما أرغم علي على القبول بمبدأ التحكيم، أرغم على اختيار ممثله في المفاوضات وهو ابو موسى الاشعري. بينما كان ممثل معاوية بطل عملية رفع المصاحف عمرو بن العاص، الذي أوصاه معاوية بقوله : «ان أهل العراق أكرهوا علياً على أبي موسى، وأنا وأهل الشام راضون بك، وقد ضُم اليك رجل طويل اللسان قصير الرأي، فأخر الحزّ، وطبق المفصل ولا تلقه برأيك كله»(1). والتقى الحكمان بأذرح في دومة الجندل (37 هجري /659 م) ووضح منذ بدء المفاوضات انعدام التكافؤ بينهما، وما لبث الاجتماع ان ارفضّ دون نتيجة، وعادت الامور الى ما كانت عليه قبل التحكيم مع فارق واحد ان مركز علي أصبح أكثر تضعضعاً حيث خرج من معسكره مجموعة من اثني عشر ألفاً محتجة على مبدأ التحكيم، رافعة شعار «لا حكم الا لله». وهي المجموعة التي عُرفت بالخوارج وكان لثوراتها فيما بعد تأثيراً كبيراً في التاريخ الاسلامي. ولقد أحدث تمرد هؤلاء ارباكاً في جيش علي اضطر هذا





    ____________

    [46 ]


    الاخير ان يوقف الزحف الى الشام من أجل القضاء عليهم. وقد أدى هذا الاقتتال الجانبي الى هدر طاقات الجيش العراقي في الوقت الذي اتاح الفرصة لمعاوية ان يستفيد بتعزيز مواقعه التي تعدت الدفاع الى الهجوم.
    .. وفجأة انهارت الجبهة العراقية بعد ان دأب عليّ على ترميمها واستكمالها بعناصر متجانسة موحدة الولاء لوضع الامور في نصابها.
    ولكن مشاريع الحرب التي أريد لها ان تفتح مرة أخرى أبواب الصراع بين الشام والعراق، احبطها معاوية قبل ان تخرج الى النور. وفي غمار ذلك تسقط ولاية مصر المهمة بيد عمرو بن العاص - أحد أبرز المتحالفين مع معاوية في صفين - ويقتل علي غيلة في مسجد الكوفة (40 هجري - 661 م)، فكانت الضربة القاتلة للحزب الشيعي بغياب قائده المؤسس. وليس من العسير على أي متتبع لشريط الاحداث حينئذ ان يلمح شبح معاوية وراء تلك المؤامرة وقد تلوثت أصابعه بالدماء. واذ أصبحت الصورة أكثر وضوحاً، تحدّد الموقف بصورة شبه نهائية لمصلحة الحزب الاموي.


    </H2>
    بنت يافا
    بنت يافا
    مدير
    مدير


    عدد المساهمات : 18
    نقاط : 26
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 09/03/2010

    علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع Empty رد: علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع

    مُساهمة  بنت يافا الجمعة مارس 19, 2010 7:57 am

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي وعزيزي هشام

    نقلك رائع ومميز

    موضوع رائع تستحق الشكر عليه

    شكرا لك وجزاك الله كل الخير
    غريب الطبايع
    غريب الطبايع


    عدد المساهمات : 69
    نقاط : 123
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 27/03/2010

    علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع Empty رد: علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع

    مُساهمة  غريب الطبايع الإثنين أبريل 05, 2010 10:57 am


    موضوع مميز كصاحبه
    تقبل تحياتي


    علامات النبوة وسيف الفتنة المرفوع 0644

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 10:54 am